أنا العاشق المؤمن

يلومونَ هبّات عشقي وجنوني
يقولونَ من جهلهمْ كفرٌ وإلحادْ

أنا العاشقُ الغضنفرُ يملأُ عريني
من العشقِ اقلامٌ ومن الورعِ مدادْ

يجري الايمانُ في دمي يُنقّي شراييني
أنضحُ صفاءً في محبّةِ اللهِ والعبادْ

أنا العاشقُ المؤمنُ وهمْ في يقيني
خُشُباً مسنّدةً سلالةَ ذي الاوتادْ

أنا من سواقي المحبةِِ اللهُ يسقيني
وهم يشربون خوابيَ الجهلِ والاحقادْ

طاف ابو لهبٍ عليهم بخبثه اللعينِ
سلّمهم بعدما تُبَّتْ يداهُ عدّتَهُ والعتادْ

أوهمهم انهم صلاحُ أمرِ الدنيا والدينِ
يجهلون انهم يعيثون في الارض فساد

يكفيني قول الله فيهم وقضاؤه يرضيني
هم يعمهون وأنا عشقاً وايماناً ازداد

سامي الشرقاوي

يا طائر البشر

لعنة الاستكبار

خسئتم أما كفاكم فينا قتلاً وفتكاً وتدميرا
تسكرون بعفنِ الموت تبّركم الله تبّارا

مالي اراكم في قعر الجحيم صرتم
وما زلتم تستعلون وتستكبرون استكبارا

أهو الجهل قد دبّ فيكم أم حقدٌ دفينٌ
تأصّل بكم فما عدتم ترجون لله وقارا

غُلّفتْ قلوبكم سُدّتْ آذانكم صمماً ووقْرا
كلّما دعوناكم لتتّقوا زادكم دعاؤنا فرارا

نتبرّأ منكم ما أنتم منّا ولا نحن منكم
ما أنتم الا عبيدَ الجهل وللشيطان أنصارا

من كان في أوطانه ودياره جهّالاً مثلكم
لا يحتاج عدوٌ ان يغزوه ويقتحم الديارا

يا ربّ ظننا الموت بمشيئتك سكرةَ قضاءٍ
فكيف صار الموت بيد الجاهلين والكفّارا

ما عدنا نرجو منهم توبةً قد استغشوا ثيابهم
اصرّوا على عهرهم وفحشهم وكفرهم اصرارا

يا ربّ هذي ارواحنا اذا شئت اليوم خذها
وفُكّ رقابنا قد خلقتنا احراراً فأمتنا احرارا

سامي الشرقاوي

إنّي ألفُ أهواهُ

أصدّقهُ حين كلماتِ العشقِ يُسمعني  
وكيف لا اصدّق من بالقلب سُكناهُ

أصلّي كلمّا يضمّني وبيديه يطوّقني  
أنْ لا تتركني مدى العمرَ ذراعاهُ

أدعه كطفلٍ في حضنه يهدهدني  
إذا غفوت على صدرهِ أحلمُ بلقياهُ

آه كم تُنشيه كؤوسُ الحبِّ وتُبهجني  
وكم أخفي في كؤوسي بقايا من بقاياهُ

حتى اذا ما غاب يوماً عنهُ تذكّرني  
تُلملمُ جمرَ فؤادي تُطفئني وترعاه

أحبّهُ سكرة حبٍّ تُتيّمني تدوّخني 
لا تُبقي في قلبي ذكرىً غيرَ ذكراهُ

أحبّهُ ليلاًً حالماً كلّ يومٍ يُنعسني    
أحبّه قمراً بدراً ينيرُ درْبي لألقاهُ

أحبّه خيطَ فجرٍ يشقّ الليل يشبكني
أحبّه نهاراً يغمرني يسكنني وأحياهُ

أحبّه وطناً يرعاني يحميني يُظلّلني    
أحبّه عشقاً تائهاً يُتعبُ القلبَ مضناه

وفي يوم الحشر إنْ جاءَ اللهُ يسألني
لقلت يا ربّي ما عشتُ في الدنيا لولاهُ

لا أدري اذا النعيمُ ام الجحيمُ سيدركني
لكنّني اليومَ أدركتُ أنّي ألفُ أهواه

سامي الشرقاوي

قهوة الصباح

كلما وضعوا قهوة الصباح امامي
شممت بها عطرك
وتذكرت كلما رشفتها يا غرامي
انها اطيب برضاب ثغرك
كيف يطلّ صبح الهوى على الانام
إن لم يُخلق من نور فجرك

سامي الشرقاوي

ضجّت بي انوثتك

ضجّت بي انوثتك
من كعبي الى راسي
انعشتني فحلّقتُ بعيدا
عن هذا العالم القاسي
ابقي يا منيتي قريبة
وامزجي انفاسك بأنفاسي
فمن لي غيرك حبيبة
تضمّد جراحي وتواسي

سامي الشرقاوي

قبل أن أنام

كل ليلة وقبل أن أنام
ارسل لها مع الطيور
ليحملوا لي منها سلام
فيه نسائم شوق وعطور
وقبلة من ثغرها البسّام
فأطمئن أنها بخير وحبور
اطفيء النور
وأغمر وسادتي وأنام

سامي الشرقاوي

محراب الآه

يا من تجعلني حقيقة
وليس انسانا وهمي
أنا في كل دقيقة
بعد صلاتي وصومي
وبعد أن أتعبّد الله
أقف في محراب الآه
وأناجيكي بقية يومي

سامي الشرقاوي

فستانك الاحمر

أتذكرين تلك الليلة عندما أتيتي
بأنوثةٍ ترتدين فستانك الاحمر

لم اكن وحدي من أثرتي وأسرتي
فكل الكون يومها من حولنا تأثّر

رقصتُ على لحن نبضكِ ورقصتي
على صدري حنيتي فهلّل قلبي وكبّر

شرّع ابوابه لكِ وفي عيوني أقمتي
من ورد الجنان وعطرها بيتنا تعمّر

اعتمرتِ البيت وفيه سكنتي وارتحتي
وأنا ما زلت كل يومٍ تلك الليلة أتذكّر

قبلتنا الاولى التي بها سكرتُ وسكرتي
وغنج مشيتكِ وبسمتكٍ وفستانك الاحمر
الذي ما زال الى اليوم يثيرني أكثر.

سامي الشرقاوي

اكسير القلوب

طغت انوثتكِ ورقّتكِ وجلال بسمتكِ
في خلطةِ كان مزاجها كافورا

ولمّا قبّلتكِ حصّنتكِ ومن ندى شفّتكِ
صنعت لبلوى القلوب إكسيرا

سامي الشرقاوي

عصفورة الغرام

وهل غيرك جعل للياسمين عطراً
ومن مثلكِ في الغرام عصفورة

أنا لا أطوقّكِ يا عمري فأنتِ
بين ذراعيّ أميرة حرة فخورة

ونشوتي من شذا عطرك حرامٌ
إن لم تكن بكل انفاسكِ مأسورة

سامي الشرقاوي

اذا سمحتي

إفسحي لو أمكن واذا سمحتي
مكاناً في قلبك يكون بيتي
فقد مللت حياة الشقاء
وسئمت العيش في العراء
ولمّا تهتُ على الدروب
وتقلّبتُ بين القلوب
لم أجد قلباً اليه اتوب
الاّ قلبكِ انتِ

سامي الشرقاوي

أنا ذبيحكِ

نويتِ النحرَ فسمّي بالله وانحريني
كي يكون ذبحي في الغرام حلالا

مرّري سكّين لحظكِ عند تلّي للجبينِ
على روحي بكل تأنّي وبغير عجالة

فأنا أتلذّذ بفتكِ سحرك ولملذّتي دعيني
لا أشبع من سفككِ ولحظكِ القتّالا

لانكِ حبيبتي ومنيتي ودنيتي وديني
أتشهّد بإسمك بعد النبي واسم الجلالة

وإن أكتفي لا أكتفي بغرامكِ وينشيني
أنّي ذبيحكِ لأنّي ميّتٌ بهواكِ لا محالة

سامي الشرقاوي

علّميني

علّميني أكون بين يديك طفلا
تلثمين ثغري وتقبلين جبيني

وأن أنطق بكل براءة اسمك
وعلى صدرك أحسّ الله يحميني

أنا البحّار أضناني موج الدهر
على شطّ قلبك رسوت بسفيني

خذيني ضميني هدهديني علّميني
فكيف أحيا وأكون إن لم تعلّميني

سامي الشرقاوي

جرح الوطن

وعندما نشرب حسرة وندما
ونتأسّف على ماضٍ رحل وضاع
سنشعر اننا نعيش ذلك الصراع
مع حاضرٍ يملأه الضياع
ونفسٍ تأنُّ من الاوجاع
ووطنٍ بجهلنا ظُلما
وصار جرحا ينزف كلّما التأما

سامي الشرقاوي

هنّ شوقُ الهدبِ

يذكّرني المشيبُ بعتقةِ الدُّربِ
ويقرّبني الشيبُ من وقْرةِ النُجبِ

رَصفَ لي القدرُ درباً مشيْتها
رافقت فيها الجمالَ لمْ أتعبِ

وهبَني اللهُ قلباً ينبضُ حبّاً
كلّما كبِرْتُ سِنّاً ازداد تشبُّبِ

وازددتُ لهَفاً عليهنّ وشوقاً
وازْددْنَ هنّ صبابةً وتقرُّبِ

سامي الشرقاوي

يا وطني

نفسي الى السلام تواقة
وروحي الى الصفاء مشتاقة

فكيف الوصول الى حماكَ
وبحرك أهوجٌ وارضك حرّاقة

يا وطني يا قلبيَ الساكت
يا عينيَ يا دموعي البرّاقة

يا لحناً خافتاً يا لوناً باهتاً
كان من زمنٍ أنغاماً وأشواقا

من رحْمكَ وُلدوا لقتلك وصلبك
وبعد موتك يرهقونك ارهاقا

يا وطني مدى المكان والزمان
قسّموك ادياناً ومذاهب وأعراقا

زرعوا ارضكَ جهلاناً وبغضاً
وحصدوا خذلاناً وذلاً وحماقة

فهل يعود الله ليكرمك ويكرمنا
ويفكّ برحمته الرقاب والاعناقا

يا رب ما بقيَ لنا سبيل في الحياة
إن لم تُزهق الباطل عنّا ازهاقا

سامي الشرقاوي

وطني المجروح

يا وطني المجروح
كيف تُثقلكَ الجروح
وتنزفُ دمَك المسفوح
ويبقى طيبُ ريحُك
من خمائلكَ يفوح

سامي الشرقاوي

ماذا أنتِ

بالله عليكي قولي

أأنتِ نفحةً من البتولِ

أم لمحةً من امرأةِ الخليلِ

أم صورةً زاد الله ابداعَ حسنها

وكتب "المصوّرُ" في مُحكمِ التنزيلِ

سامي الشرقاوي

قطتي العطشى

تعالي نحفر ينبوع السقاء

ومنه اسقيكي وتسقيني

مزيج حنانٍ وحبٍ وهناء

نجريه مع الانهار والعيونِ

تعالي نهجر هذه الصحراء

وندخل رياض العاشقينٍ

انتٍ بغنجكِ وسحرك والرقاء

قطّةٌ ارتوَتْ وانا مع القطة دعيني

اطربيني وموئي كما يجبُ المواء

وعلى صدري ما تشائين حمّليني

لكن يا قطتي لي عندكِ رجاء

خذيني وبقلبك اغرسيني ازرعيني

نبتةً خضراءْ اكونُ للقطة دواء

ومن النبتةِ ندى بوَريدكِ انسليني

حتى اكونَ مع خريركِ على السواء

وأنتِ في خفقاتِ قلبي تكوني

سامي الشرقاوي

لبنان سيّدُ الاوطان

من قال أنّ لبنانَ في الارضِ وطنٌ
بل قبسٌ من الجنانِ وسيّدُ الاوطانِ

هو الشعلة وإن خفّ لهيبُها يوماً
تبقى وهجاً ناعساً متأهباً نوراني

لبنانَ يا أنامُ مدرسةٌ كانت وتبقى
تُنجبُ النوابغَ نسْلاً مدى الازمانِِِ

لولاه ما كتبَتْ الدنيا وإن جهِدتْ حرفاً
منه انبعثَ الفكرُ والحبُّ والتفاني

من خمره سكِرَتْ الآلهة وفي سجى ليلةٍ
أفشَتْ بكلّ اسرارِها لاولادهِ النُجبانِ

فزرعوا لرياضِ المعرفةِ دوْحاً خالداً
ونشروا العلمَ وعلّوا صرحَهُ والبُنيانِِ

فيا لبنان لا خوفٌ عليكَ ولا وجلٌ
من جهلِ الجاهلين ووطأةِ الاحزانِِ

فما بأسِتْ أمّةٌ أنجبتْ من رحمها نوراً
أضاء الكون وجمعَ شرائعَ اللهِ والاديانِِ

سامي الشرقاوي